فصل: 218- قبض:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة



.حرف القاف:

.216- قائف:

1- التعريف:
القائفُ في اللغة: هو الذي يَعرف الآثار والشَّبه، والجمع القافةُ. يقال: قُفْت أَثره إِذا اتَّبعْته مثل قَفَوْت أَثَره.
وعرفه النسفي: بأنه الذي يعرف الآثار والشبه ويقال بالفارسية (بي شناس) وهو الذي يعرف شبه الأولاد بالآباء فيخبر أن هذا الولد من فلان أو فلان.
والقائف هو الذي يسمى في هذا الزمان بقصاص الأثر أو بالمرِّي.
2- من هم القافة؟
قال ابن قدامة: (والقافة قوم يعرفون الإنسان بالشبه, ولا يختص ذلك بقبيلة معينة, بل من عرف منه المعرفة بذلك، وتكررت منه الإصابة، فهو قائف. وقيل: أكثر ما يكون في بني مدلج رهط مجزز المدلجي الذي رأى أسامة وأباه زيدا قد غطيا رؤوسهما, وبدت أقدامهما، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض. وكان إياس بن معاوية المزني قائفا, وكذلك قيل في شريح).
قلت: وأكثر القافة اليوم هم من قبيلة المرة، وهي قبيلة معروفة يمتاز رجالها بالفطنة والذكاء، ويطلق على واحدهم مرَّي.
3- حجية الأخذ بقول القائف:
دلت السنة على الأخذ بقول القائف، ففي الصحيحين عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليَّ مسروراً، تبرق أسارير وجهه. فقال: «ألم تري أن مجززاً نظر آنفا إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد، فقال: إن بعض هذه الأقدام لمن بعض» وفي لفظ: «كان مجزز قائفا». متفق عليه. قال ابن دقيق العيد رحمه الله: (ووجه الاستدلال: أن النبي صلى الله عليه وسلم سر بذلك وقال الشافعي رحمه الله: ولا يسر بباطل).
قال ابن القيم رحمه الله: (الطريق السادس والعشرون الحكم بالقافة: وقد دلت عليها سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل خلفائه الراشدين والصحابة من بعدهم، منهم عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وأبو موسى الأشعري، وابن عباس، وأنس بن مالك رضي الله عنهم، ولا مخالف لهم في الصحابة، وقال بها من التابعين: سعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، والزهري، وإياس بن معاوية، وقتادة، وكعب بن سوار، ومن تابعي التابعين: الليث بن سعد, ومالك بن أنس, وأصحابه، وممن بعدهم: الشافعي وأصحابه، وإسحاق, وأبو ثور, وأهل الظاهر كلهم. وبالجملة: فهذا قول جمهور الأمة. وخالفهم في ذلك أبو حنيفة وأصحابه, وقالوا: العمل بها تعويل على مجرد الشبه, وقد يقع بين الأجانب, وينتفي بين الأقارب). وقال أيضا: (والقياس وأصول الشريعة تشهد للقافة: لأن القول بها حكم يستند إلى درك أمور خفية وظاهرة، توجب للنفس سكونا، فوجب اعتباره كنقد الناقد، وتقويم المقوم. وقد حكى أبو محمد ابن قتيبة: أن قائفا كان يعرف أثر الأنثى من أثر الذكر).
4- الإثبات بقيافة الأثر في الجنايات:
يستعان بقياقة الأثر في القبض على المتهمين، بتتبع آثارهم، والقبض عليهم وإحضارهم، كما حدث ذلك في قضية العرنيين، الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، متظاهرين بالإسلام، فلما أصابتهم حمى المدينة بعثهم صلى الله عليه وسلم إلى رعاة الإبل في ضواحي المدين ليشربوا من ألبانها، فقتلوا راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستاقوا النعم، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبهم قافة فأتي بهم.
ويعد رأي القائف شهادة تثبت بها الحقوق والدعاوى عند الفقهاء، مثاله فيما ذكره ابن تيميه: أن يدعي شخص أنه ذهب من ماله شيء، ويثبت ذلك، فيقتص القائف أثر الوطء من مكان إلى مكان آخر، فشهادة القائف أن المال دخل إلى هذا الموضع توجب أحد الأمرين: إما الحكم به, وإما أن يكون الحكم به مع اليمين للمدعي, وهو الأقرب، فإن هذه الأمارات ترجح جانب المدعي، واليمين مشروعة في أقوى الجانبين.
وقد حكم النبي صلى الله عليه وسلم بالأثر في السيف كما يذكر ابن فرحون في قصة عبد الله بن أنيس وأصحابه رضي الله عنهم لما دخلوا الحصن على ابن أبي الحقيق ليقتلوه، وكان ذلك ليلا، فوقعوا فيه بالسيوف، ووضع عبد الله بن أنيس السيف في بطنه وتحامل عليه حتى نبع ظهره، فلما رجعوا وقد قتلوه نظر عليه الصلاة والسلام إلى سيوفهم فقال: «هذا قتله» لأنه رأى على السيف أثر الطعان.
وقد استند إياس بن معاوية إلى الأثر حين اختصم عنده رجلان في قطيفتين إحداهما حمراء والأخرى خضراء، وأحدهما يدعي التي بيد الآخر، وأنه ترك قطيفته ليغتسل, فأخذها الآخر وترك قطيفته هو في محله، ولم توجد بينة, فطلب إياس أن يؤتى بمشط، فسرح رأس هذا ورأس هذا، فخرج من رأس أحدهما صوف أحمر، ومن رأس الآخر صوف أخضر، فقضى بالحمراء للذي خرج من رأسه الصوف الأحمر وبالخضراء للذي خرج من رأسه الصوف الأخضر.
وفي إحدى القضايا هرب القاتل واندس بين الناس فلم يُعرف، فمر المعتضد على الناس يضع يده على قلب كل واحد منهم، واحدا بعد واحد فيجده ساكنا، حتى وضع يده على فؤاد ذلك الغلام فإذا به يخفق خفقا شديدا فركضه برجله، واستقره فأقر فقتله. ومع ذلك فإن الاستناد إلى الأثر ليس قرينة قطعية على ارتكاب الجريمة, تشير إلى ذلك قضية القصاب الذي ذهب إلى خربة للتبول ومعه سكينه، فإذا به أمام مقتول يتشحط في دمه, وما أفاق من ذهوله حتى وجد العسس يقبضون عليه, وقد عجز الرجل عن الدفاع عن نفسه معتقدا أن الأدلة جميعها ضده، ولم ينقذه من العقوبة المحتومة- وهي القتل- إلا إقرار القاتل الحقيقي بالجريمة.
ومن أخبار القيافة المعاصرة، أن رجلاً مجهولاً ارتكب سرقة في إحدى محافظات المملكة، ولم يوجد في مسرح الجريمة سوى أثر أقدام الجاني، فاستعان رجال الضبط بالقائف- المري- الذي نظر فقط إلى آثار الأقدام ثم مضت الأيام، وبعد مضي ثلاثة أشهر من الواقعة اجتمع الناس في حفلة زواج عند الرجل صاحب المحل المسروق، وكان المري الذي نظر إلى آثار الجاني من بين الحاضرين فرآى شاباً أقبل يمشي، فسأل عنه فقال صاحب الحفلة هذا قريب لي، فقال المري هذا هو الذي سرق محلك، فلما استجوب هذا الشاب من قبل الجهات المختصة اعترف بالسرقة.
ولقد قلل من الحاجة للقافة في هذا العصر ظهور الوسائل الحديثة التي يتم بواسطتها التعريف على الآثار، كعلم البصمات، والتحاليل الطبية، ونحوها.

.217- قات:

1- التعريف:
لم أجد للقات ذكراً في معاجم اللغة لكن ربما يكون اسمه مشتقاً من القوت وهو ما يسد الرمق، فقد ورد في لسان العرب، القُوتُ: ما يُمْسِكُ الرَّمَقَ من الرِّزْق. وتَقَوَّتَ بالشيء، واقْتاتَ به واقْتاتَهُ: جَعَلَه قُوتَه.
ونبات القات: شجر كثير الانتشار خاصة في الصومال، والحبشة واليمن، وبعض مدن المملكة المتاخمة للحدود اليمنية، كمنطقة جازان، وفيفا.
وللقات مفعول ينعش متعاطيه لمدة ساعتين تقريبا، بعدها يصيبه نوع من التخدير والفتور، ويكون تعاطيه عن طريق المضغ، مصحوبا أحيانا بتدخين الشيشة.
2- حكم استعمال القات:
لا يجوز استعمال القات لما فيه من أضرار في الدين والبدن والمال والوقت، فهو مفتر، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر، وفي العكوف عليه تضييع للصلاة، وللوقت.
قال الشيخ/ زيد المدخلي: (إن في العكوف على أكله تضييعا للصلاة، وهذا ثابت بالمشاهدة لمن يتعاطون أكل هذه الشجرة المشؤومة، فإن وقت الفريضة يخرج وهم عكوف في مجالسهم حفاظا على امتداد الكيف لأن إخراج القات من الفم من أجل إجراء عملية الطهارة وأداء الصلاة يتنافى مع امتداد الكيف في مفهومهم).
3- التحقيق في قضايا القات:
القات من المواد المخدرة، وتعامل قضايا القات من حيث الإجراء معاملة قضايا المخدرات، وقد ورد في تعميم صاحب السمو الملكي وزير الداخلية رقم 19/ب/240 وتاريخ 19/2/1419هـ معاملة تعاط القات وحيازته بقصد التعاطي، معاملة القضايا البسيطة المشمولة بالمادة التاسعة من لائحة أصول الاستيقاف، بشرط ألا تقترن القضية بقضية أخرى، وألا تزيد كمية الحيازة عن كيلوجرام واحد من القات، وألا يكون المتهم قد حكم عليه بحد شرعي أو بعقوبة أكثر من ستة أشهر.
4- عقوبة القات:
عقوبة القات هي العقوبة المقررة في قضايا المخدرات، جاء ذلك في خطاب رئيس مجلس الوزراء الموجه لسمو وزير الداخلية برقم 601/م وتاريخ 17/3/1410هـ، حيث جاء في الفقرة الأولى منه النص التالي: (يكتفى بالنسبة لقضايا القات بالعقوبة الواردة بقراري مجلس الوزراء رقم 11 لعام 1374هـ، ورقم 172 في 23/9/1400هـ).

.218- قبض:

1- التعريف:
القَبْضُ في اللغة له معان منها: الإمساك بالشيء، يقال: قبض على اللص، أي أمسك به. ويقال قَبَضَهُ بيَدِهِ يَقْبِضُهُ: تَناوَلَهُ بيَدِه، وقَبَضَ عليه بيَدِهِ: أمْسَكَه.
وفي المصطلح الجنائي: هو مجموعة احتياطات وقتية للهيمنة على حركة المتهم بغية التحقق من شخصيته واتخاذ الإجراءات حياله.
2- مشروعية القبض على المتهمين:
دلت نصوص الشريعة على مشروعية ملاحقة المجرمين والقبض عليهم من أجل معاقبتهم على ما ارتكبوا من جرم، ومن ذلك قصة العرنيين، الثابتة في الصحيحين عن أنس بن مالك: أن ناسا من عرينة قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، المدينة فاجتووها، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن شئتم أن تخرجوا إلى إبل الصدقة فتشربوا من ألبانها وأبوالها»، ففعلوا، فصحوا، ثم مالوا على الرعاة فقتلوهم، وارتدوا عن الإسلام، وساقوا ذود رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث في إثرهم، فأتي بهم، فقطع أيديهم، وأرجلهم، وسمل أعينهم، وتركهم في الحرة حتى ماتوا.
ففي هذا الخبر دلالة واضحة على ملاحقة المجرمين والقبض عليهم ومعاقبتهم.
ومن ذلك أيضا، خبر الظعينة الثابت في الصحيحين وغيرهما عن عبيد الله بن أبي رافع قال: سمعت علياً رضي الله عنه يقول: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد بن الأسود، قال: «انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها ظعينة، ومعها كتاب فخذوه منها». فانطلقنا تعادى بنا خيلنا، حتى انتهينا إلى الروضة، فإذا نحن بالظعينة، فقلنا: أخرجي الكتاب، فقالت: ما معي من كتاب، فقلنا لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب، فأخرجته من عقاصها، فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين من أهل مكة، يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا حاطب ما هذا». قال: يا رسول الله لا تعجل علي، إني كنت امرأً ملصقاً في قريش، ولم أكن من أنفسها، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات بمكة، يحمون بها أهليهم وأموالهم، فأحببت إذا فاتني ذلك من النسب فيهم، أن أتخذ عندهم يداً يحمون بها قرابتي، وما فعلت كفراً ولا ارتداداً، ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد صدقكم». قال عمر: يا رسول الله، دعني أضرب عنق هذا المنافق، قال: «إنه قد شهد بدراً، وما يدريك لعل الله أن يكون قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم».
وفي هذا الخبر دلالة على ملاحقة المتهمين، والقبض عليهم وتفتيشهم وضبط ما يتعلق بالجريمة.
3- من يقوم بالقبض: (راجع: مصطلح: ضبط).
4- حظر إيذاء المقبوض عليه جسديا أو معنويا:
ورد في المادة الثانية من نظام الإجراءات الجزائية منع إيذاء المقبوض عليه جسديا أو معنويا؛ ومنع معاقبته إلا على أمر محظور وذلك بالنص التالي:
(لا يجوز القبض على أي إنسان، أو تفتيشه، أو توقيفه أو سجنه إلا في الأحوال المنصوص عليها نظاماً، ولا يكون التوقيف أو السجن إلا في الأماكن المخصصة لكل منهما وللمدة المحددة من السلطة المختصة. ويحظر إيذاء المقبوض عليه جسدياً، أو معنوياً، كما يحظر تعريضه للتعذيب، أو المعاملة المهينة للكرامة).